كشفت دراسة قدمتها مؤسسة التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد عن إمكانية معالجة أزمة مادتي السكر والرز المدعوم بشكل يوفر مئات ملايين الليرات لمصلحة الخزينة، من خلال استيراد الرز من الصنف الثالث بدلاً من الصنف الثاني، وشراء مادة السكر بموجب عقود بالتراضي مباشرة وبأسعار البورصة حيث تكون الأسعار منخفضة. ونقلت صحيفة الثورة الرسمية عن مصادر في وزارة الاقتصاد قولها إن "الدراسة التي قدمتها مؤسسة التجارة الخارجية لوزارة الاقتصاد، وتم رفعها إلى اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء، تتضمن ضرورة السماح للمؤسسة باستيراد مادة الرز من الصنف الثالث والذي يكون من نسبة الكسر 5٪ كما هو مسموح للقطاع الخاص، بدلاً من استيراد الصنف الثاني ذي نسبة الكسر 3٪". ويؤدي هذا الإجراء إلى توفير مبلغ 50 دولاراً في كل طن، حيث إذا كانت الدولة تستورد 125 ألف طن سنويا، يكون التوفير بما يعادل 6 ملايين وربع المليون دولار سنوياً، بحسب الدراسة. كما يسهم في الحد من الفساد في المؤسسة العامة الاستهلاكية مثل اللجوء إلى تبديل الرز من الصنف الثاني والذي تستورده الدولة، بالرز الأدنى صنفاً المستورد من قبل القطاع الخاص، وسرقة فارق السعر, وذلك وفقا للصحيفة. وكانت الدولة هي المستورد الوحيد للأرز من الصنفين الأول والثاني، ومن ثم تم السماح للقطاع الخاص باستيراد الصنف الثالث حسب المواصفات القياسية السورية. ودعت الدراسة الى "ضرورة إعادة النظر في آلية دعم مادة الرز بحيث يمكن للمواطن الحصول على الرز من البقاليات ومراكز البيع الأخرى، حيث يتم الحسم من قيمة القسيمة التموينية، و تحصل من الدولة". ويمكن للدولة في حال تطبيق هذا الإجراء استيراد كميات الرز اللازمة للاحتياطي الاستراتيجي والاحتياطي التجاري فقط، لطرحه في الأسواق عند الضرورة منعاً للاحتكار. ووفقا للدراسة، "يتم تبديل الاحتياطي بشكل مستمر مع الأخذ بعين الاعتبار مدة الصلاحية للتخزين في صالات الخزن والاستهلاكية، ما يؤدي إلى تخفيض استيراد الدولة لكميات الرز المطلوبة بنسبة 60 ٪ وهنا يكون قد تم تفعيل التدخل الايجابي للحكومة في اقتصاد السوق الاجتماعي". وتضمنت الدراسة "قيام المؤسسة بشراء مادة الرز من أماكن الإنتاج وبعقود بالتراخيص وهذا يوفر ملايين الدولارات التي تذهب كأرباح للوسطاء والتجار". وفيما يخص مادة السكر، أوضحت الدراسة أن "يتم شراء المادة بموجب عقود بالتراضي مباشرة أو ما يعرف (BROKER) وبأسعار البورصة ، حيث تكون الأسعار منخفضة". ومن خلال هذا الإجراء يتم تحويل 10٪ تقريباً من قيمة الصفقة إلى البائع عند التثبيت، الذي يجب أن يودع بأحد المصارف العالمية مع هامش مخاطرة للوسيط إذا تم تجاوزه تلغى العملية، والأخذ بعين الاعتبار أن يكون الـ"بروكرز" أعضاء في رابطة السكر العالمية التي تكفل جدية أعضائها مع العلم أن المؤسسة هي عضو في هذه الرابطة. وكانت المادة 39 والفقرة 10 من القانون 51 لعام 2004 سمحت بالشراء عن طريق التعاقد بالتراضي، عندما تكون عقود توريد المواد خاضعة لبورصة عالمية، ويمكن اتباع نفس الطريقة للبيع عن طريق البقاليات ومنافذ البيع الأخرى. ووافق مجلس الوزراء في شهر كانون الثاني الماضي على طرح كميات من مادة السكر الحر لبيعها عبر منافذ البيع التابعة للمؤسستين العامتين الاستهلاكية والخزن والتسويق بسعر 40 ليرة الـكغ الواحد، وذلك بعد أن سجلت أسعار السكر ارتفاعا كبيرا مطلع العام الحالي، وصلت إلى 60 ليرة بعد أن كان سعر الكيلو 45 ليرة منتصف شهر كانون الأول الماضي، في خطوة عزاها التجار المحليون إلى ارتفاع سعر السكر عالميا. وتلعب المؤسسات لتابعة لوزارة الاقتصاد كالمؤسسة العامة للخزن والتسويق والمؤسسة العامة الاستهلاكية دورا مهما في سياسة التدخل الايجابي لدعم المواطن, إذ قامت منذ ثلاثة أسابيع الخزن والتسويق بطرح كميات كبيرة من مادة السكر في صالاتها المنتشرة في دمشق وكافة المحافظات ريفا ومدينة فضلا عن قيام المؤسسة بتوزيع المادة عبر سياراتها الجوالة في المناطق التي لا يتوفر فيها صالات للبيع بهدف توفير مادة السكر للمواطنين بالسعر المناسب. وأصدرت وزارة الاقتصاد، في شهر آب الماضي، قرارا يقضي بإلزام كافة الفعاليات التجارية المنتجة والمصدرة لمادتي السكر والرز ببيع مؤسسات الوزارة ذات "طابع التدخل الإيجابي" نسبة 15% من الكمية الإجمالية المستوردة أو المنتجة لهاتين المادتين من قبلهم وبأسعار الجملة ووفق الحاجة الفعلية، وذلك ضمن إجراءات الوزارة للحيلولة دون احتكار مادة السكر. كما أصدرت مؤخرا قرارا يقضي بإضافة نسبة 5% على قيمة البضاعة المستوردة من قبل القطاع الخاص لمادتي الرز والسكر بهدف استقرار وضبط أسعار هاتين المادتين، معتبرة أن هذه النسبة يدفعها المستورد حتى تكون تكاليفه حقيقية، ولتحقيق التوازن السعري ما بين القطاع الخاص ومنافذ بيع المؤسسات الحكومية. يشار إلى أن سورية تعتمد القسيمة التموينية لتقديم مادتي الرز والسكر للمواطن بسعر مدعوم، وكانت هذه القسيمة التموينية قبل سنوات تشمل مجموعة من السلع الأخرى مثل الزيت والشاي، لكنها بدأت بالانحسار حتى لم يبق منها غير مادة السكر ومادة الرز.